مقاله اي از دكتر يوسف زيدان  درباره ي نقش شكوفايي اندلس بر تمدن عربي و اروپايي به زبان عربي
 

تَمْهِيدٌ

  مالم يتكلَّمْ أحدهُما لغتَه الخاصَّة ، فإنك لاتستطيع تمييز الشخص العربىَّ من الإسبانى! بل إن التشابُهَ بينهما لايقتصر على تلك الملامح الشرقيَّة لكليهما ، ولايتوقَّف عند صيحة (الله / أُلِّله) التى يطلقها الواحد منهما إذا اشتدَّ انفعالُه ! فالعربىُّ المعاصر يتنهَّد قائلاً (الله) عند مشاهدة لوحةٍ فنيَّة أو منظرٍ جميل ، والإسبانُ المعاصرون يتصايحون (أوليه) عند كلِّ حركةٍ لافتة فى حلبات مصارعة الثيران .. لكنَّ الأمرَ لايقفُ عند هذه التشابهات الظاهريَّة ، فالصلة بين العرب والإسبان تتعدَّى ذلك إلى تشابهٍ أعمق ، فى : الشخصيَّةِ العامة ، الروح الباطنة ، التكوين الثقافى ، التراثِ المشترك .. وغيرِ ذلك من أوجه الشبه الذى ترسَّخ عبر قرونٍ طوالٍ ، فلم تستطع القرونُ الخمسة الأخيرة (قرون العزلة) أن تفصلَ العرب عن الإسبان ، وأن تمحو من بنية الإسبانى المعاصر ، هذه الجيناتِ الوراثيَّة والثقافيَّة .

      ومع أن إسبانيا تقع جغرافيا فى نطاق القارة الأوروبيَّة ، إلا أنها مع ذلك ، تبدو  كما لو كانت امتداداً طبيعياً لبلاد المغرب العربى ، التى لايفصلها عنها إلا (مضيقُ) جبل طارق .. أو بالعكس ، تبدو بلاد المغرب ، كامتدادٍ للأرض الإسبانيَّة !

      وقد لعب (التاريخُ) كما لعبت (الجغرافيا) دوراً مهماً فى التقريب بين العرب والإسبان ، وهو الأمر الذى نجحت (السياسة) فى القضاء عليه ! وهى على كلِّ حالٍ ، مسألةٌ كثيرة الوقوع ، فلطالما نجحت السياسةُ فى فصم المتَّصل (الجغرافى / التاريخى) بين البلادِ والعباد .

      وللعرب والأسبان ، أو بالأحرى : العرب الإسبان (الأندلسيون) قصةٌ إنسانيَّةٌ مجيدة، استمرت قروناً فى نطاق الثقافة البحر أوسطيَّة ، وأثَّرَت فى تاريخ الحضارة الإنسانيَّة أثراً ملموساً .. وهى أيضاً قصةٌ مليئة بالمزعجات والمبهجات ! فقد دخل العربُ المسلمون إلى إسبانيا سابحين فى بحارٍ من الدماء ، وخرجوا منها يخوضون فى أنهارٍ من الدَّم . وما بين بحار الدم وأنهاره ، عاشت إسبانيا زمناً أندلسيّاً بديعاً ، لاتزال أطيافُه تلوحُ فى خيال المعاصرين ، كما يلوح باقى الوشم فى ظاهر اليدِ .

          بَدْءُ الحِكَايَةِ

      بدأ الفجرُ الأندلسىُّ ، فى وقتٍ مبكِّرٍ من حياة الحضارة العربيَّة الإسلاميَّـة . فقد دخل موسى بن نصير وطارق بن زياد إلى الأندلس سنة 93 هجريَّة (711 ميلاديَّة) وهو الدخول الذى يَعُدُّهُ الأوربيون غزواً ، ويُسميه المسلمون فتحاً .. وكان موسى بن نصير قد نجح قبلها فى فتح الشمال الأفريقى ، وصيَّره من يومها إسلامياً.. ثم دعمه الخليفة بسبعة آلاف مقاتل ، على رأسهم القائد العسكرى ، ذو الأصل البربرى : طارق بن زياد وهو القائدُ المسلم الذى اشتهر فى التاريخ ، بإحراقه مَرَاكِبَهُ بعد عبور المضيق الفاصل بين المغرب وإسبانيا ، وقال لجنوده قولتَهُ المشهورةَ : العدوُّ أمامَكم والبحرُ خلفَكم ، فأين المفر ؟ وسُمِّى المضيق بعدُ ذلك باسمه .

       ماذا لو كان جيش طارق بن زياد قد انهزم ، ولم يجد سبيلا للتقهقر !

      وفى أرض (الأندلس) تتالت الوقائعُ العسكريَّةُ بين العرب المسلمين من جهةٍ ، والقوط والإسبان الرومانيِّين من الجهة الأخرى . وسالت دماءٌ كثيرة ، عربيَّةٌ وإسبانيَّة .. حتى تَمَّ الأمرُ للمسلمين بعد أعوامٍ ثلاثة، عاد بعدها الفاتحان : موسى بن نصير و طارق بن زياد إلى مقرِّ الخلافة فى دمشق، ومعهم من غنائم الأرض الجديدة مالا يحصى . وقد ذكر المؤرِّخون من هذه الغنائم الأندلسيَّة : ثلاثينَ ألفِ أسيرٍ (بينهم أربعمائة أمير قوطى على رؤوسهم التيجان) ثلاثين ألف عذراء من بنات ملوك القوط وأعيانهم ، جَمّاً غفيراً من العبيدِ والغلمان والمجوهرات .. وغيرَ ذلك الكثير ، مما لم يُحصه المؤرِّخون .

      وكان موسى بن نصير قد خلَّف ولده عبدَ العزيزِ حاكماً على الأرض الجديدة .. وكان الخليفةُ الأموىُّ قد انقلب على موسى بن نصير ، فأرسل إلى ولده عبد العزيز مَنْ اغتاله وجاء إليه برأسه ، فدفعهُ إلى أبيه ، الفاتح .. ولم يكتف الخليفةُ بذلك ، بل تفنَّن فى إيذاء موسى بن نصير وأذلَّه ، وعذَّبه .. حتى إِن هذا الفاتحَ العظيم ، مات شحَّاذاً فى قريةٍ نائية بالحجاز !

      و بعد حينٍ من الزمان ، تدفقَّت بحارُ الدَّمِ من جديد ، بين المسلمين والمسلمين ، مع مجيئ عبد الرحمن الداخل الملقَّب بصقر قريش إلى الأندلس سنة 138 هجريَّة (756 ميلاديَّة) حيث أحيا فى زمن الدولةِ العباسيَّةِ ، الخلافةَ الأمويَّةَ منذ ذلك التاريخ ، بعدما أراق هو الآخر دماءً كثيرةً ، أقام عليها مُلكه (الأُموىَّ) الذى امتد من بعده عقوداً طوالاً .. بعد سقوط الدولة الأُمويَّة التى انتسب إليها .

       اضطر عبد الرحمن الداخل - ليقيم مُلكَه - إلى سفك الدماء العربيَّة المعارضة له ، والدماء الإسبانيَّة المعترضة توسعاته ، فقضى حياته فى حروبٍ طوالٍ ، لم تنته بوفاته سنة 172 هجريَّة (789 ميلاديَّة) بل استمر فيها من بعده أولادهُ وأحفادُه ، فإذا كان صقر قريش قد أسَّس دولته فوق عشرات الآلاف من القتلى المسلمين والمسيحيين ، فإن حفيده الحكم بن هشام قتل  فى موقعةٍ واحدة ثلاثمائة ألفِ مسيحىٍّ ، وقتل من المسلمين المعارضين له بقرطبةَ ، أربعين ألفاً (بينهم أربعة آلاف من علماء الدين) ومن المسلمين المعارضين له بطليطلة ، قُرَاَبَةَ خمسة آلاف .

      ولم تتوقَّف بحارُ الدَّمِ عند ما سبق ، ففى موقعة  (سليط) وحدها ، قَتَلَ محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن صقر قريش (المتوفَّى 273 هجريَّة ) أكثرَ من ثلاثمائةِ ألفِ مسيحىٍّ . وأمضى ابنُه عبدُ الله حياتَه فى حروبٍ طوالٍ ، حتى إن المؤرِّخين أَحْصَوْا الأوقات الهادئةَ الهنيَّة فى فترة مُلكه - التى امتدت خمسين سنةً ونصفاً - فكانت أربعة عشرَ يوماً .

      ومع ذلك ، فإنَّ خطى الحضارةِ والعمارة والإبداعِ ، كانت تسيرُ فى الأندلس متوازيةً مع دقات طبول الحرب .. وإنما بمعدلٍ عكسى ، فكلَّما استقرت المملكةُ وقلَّت الحروب ، كلما تواترت آيات التحضَّر الإسلامىِّ الأندلسىِّ . والمثال على ذلك ، نجدُه فى مسجدِ قرطبةَ الذى بدأ صقر قريش بناءه فكان سبعة أبهاء ، ثم زاده حفيده الحكمُ بهوين ، ثم زاد عبد الرحمن بن الحكم (الذى بنى جامعَ وسور إشبيليَّة) بهوين آخرين ، ثم زاد المنصورُ بنُ أبى عامر ثمانيَة أبهاء .. فصار مسجدُ قرطبة مع هذه الاتساعات ، آيةً من آياتِ الفنِّ الإسلامىِّ الخالدة .

      ولم تقتصر عمائرُ الإسلام فى الأندلس ، على المساجد البديعة التى لاتزال آثارُها الباقية تشهد بجلالِ القرونِ الخالية . وإنما ملأ المسلمون أرجاءَ الأندلسِ ببدائع العمائر: القصور ، القناطر ، أسوارِ المدن ، النافورات .. وبنوا مدناً كاملة (44 مدينةً) لايزال بعضُها قائماً إلى اليوم ، وبعضُها الآخر قد اندثر . ومما اندثر من مدن الإسلام هناك، مدينةُ الزهراء التى بناها الناصرُ عبدُ الرحمنِ بن محمد فى اثنتى عَشْرةَ سنةً ، بألف بنَّاءٍ (مهندس) فى اليوم ، مع كلِّ بناءٍ اثنا عَشَرَ عاملاً .. وساق إليها أنهاراً ، ونقب لها الجبل. يقول الذهبى فى كتابه (سير أعلام النبلاء ) عن مدينة الناصر البائدة هذه : كانت مُدوَّرَةً، وعِدَّة أبراجِها ثلاثمائة برج ، وشرفاتها من حجرٍ واحد ، وقسَّمها أثلاثاً : فالثُّلُث المسند إلى الجبل قصوره ، والثُّلُث الثانى دُور المماليك والخدم وكانوا اثنى عَشرَ ألفاً بمناطق الذهب يركبون لركوبه ، والثُّلُث الثالث بساتينُ  تحت القصور . وعمل مجلساً مُشرِفاً على البساتين ، صَفَّحَ عُمُده بالذهب ورصَّعَه بالياقوت والزمرد واللؤلؤ ، وفرشه بمنقوشِ الرخامِ، وضع قدَّامه بحيرةً مستديرة ملأها زئبقاً ، فكان النور ينعكس منها إلى المجلس .

      وفيما يخصُّ العلومَ والمعارفَ ، اعتنى المسلمون فى الأندلس بالعلماء ، حتى برع منهم كثيرون فى كلِّ المجالاتِ المعرفيَّة ، وأسَّسوا المدارسَ وأوقفوا عليها الأوقافَ. ومن ثَمَّ، امتلأت الأندلس بالمخطوطاتِ العربيَّةِ من كلِّ فنٍّ - ومن كلِّ علمٍ وأدب - حتى إنَّ مكتباتِ قرطبة وحدَها ، بلغت السبعين مكتبةً ، عدا خزائن الكتب الخاصة ومكتبات المساجد .

      ومن هنا ، لايمكن التأريخُ لجوانب الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة ، فى الفترة الممتدة من القرن الثالث إلى العاشرِ الهجرى ، دون الوقوف عند إسهامات الأندلسيين فى هذه الجوانب كافةً .. ففى تاريخ الفلسفة الإسلاميَّةِ ، تقابلنا فى الأندلس شوامخُ مثل : ابنِ باجة  ابنِ طفيل ، ابنِ رشد .. وفى تاريخ العلم العربىِّ ، لابد من التلبُّثِ عند علماءَ أندلسيِّين مثل: ابن زُهر ، ابن البيطار ، موسى بنِ ميمون .. وضمن تاريخ التصوف الإسلامى ، تلمع فى سماء الأندلس ، أسماءُ صوفيةٍ عاشوا بنواحى الأندلس أو وفدوا منها ، مثل : ابنِ قَسِّى، ابن سبعين ، ابن عربى .

      ونظراً لضخامة هذا التراث الأندلسىِّ ، تزخر المكتبةُ العربيَّةُ بموسوعاتٍ تؤرِّخ لعلماءِ الأندلس (والمغرب) وفقاً لأزمنتهم أو نوع مشاركتهم فى صياغة العقلية العربيَّة الإسلامية على مَرِّ القرون. منها الكتب التاريخية (المطوَّلة) التالية :

قُضَاةُ قُرْطُبَةَ وعَلَمَاءُ أفرِيقيَّةَ للقيروانىِّ (أبى عبد الله محمد بن حارث بن أسد الخشنىِّ، المتوفَّى 361 هجريَّة ) تاريخُ العلماءِ والرواةِ للعلم بالأندلس لابن الفرضى (أبى الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدى ، المتوفَّى  403 هجريَّة) جَذْوَةُ المقْتَبِس فى ذِكْرِ وُلاَةِ الأَنْدَلُسِ للحميدى (أبى عبد الله محمد بن فتوح بن عبد الله المتوفَّى 488 هجريَّة ) المغِرْبُ فى أَخْبَارِ المغرِبِ لعبدِ الملك بن سعيد ، (المتوفَّى 562 هجريَّة) كتابُ الصِّلةِ لابنِ بشكوال (أبى القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود ، المتوفَّى 578 هجريَّة) بُغْيَةُ الملْتَمِسِ فى تَاريخِ رِجِالِ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ للضَّبِّى (أحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة، المتوفَّى 599 هجريَّة ) التَّكْملَةُ لِكتَابِ الصِّلَةِ لابن الأبَّار (أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى بكر القضاعى ، المتوفَّى 658 هجريَّة ) نَفْحُ الطِّيبِ مِنْ غُصْنِ الأَنْدَلُسِ الرَّطِيبِ وذِكْرُ وَزِيرِهَا لِسَانِ الدِّين بنِ الخطيبِ للمقَّرى (أحمد بن محمد التلمسانى ، المتوفَّى 1041 هجريَّة)

      .. ولم تقتصر الإسهاماتُ العلميَّة الأندلسيَّة ، على السجل الحافلِ لعلمائهم المذكورين فى المصادر السابقة ، ذلك أنَّ علماءَ أندلسيين فى الفروع كافةً ، انتقلوا من الأندلسِ إلى مصر والشامِ ، وصاروا يُحسبون على علماء المشرق - لا المغرب والأندلس - ومن ثَمَّ ، خلت هذه المصادرُ الأندلسيَّة من تراجمهم . ناهيك عن الأثرِ الذى أحدثه الأندلسيُّون ، فى مسار الحضارة العربيَّة الإسلاميَّة ، بل الإنسانيَّة .

                الأَثَرُ المزْدَوج

      مع امتداد العطاءِ العلمىِّ الأندلسىِّ قروناً طوالاً ، ومع الموقع الجغرافى الخاص (الواصل / الفاصل) للأندلس .. كان للأفق الأندلسى تجليات مزدوجة ، حيث تجلت الأنوار الحضاريَّة فى سماء الحضارتين العربيَّة الإسلاميَّة والأوروبيَّة ، على السواء .

      ولا يمكن الحديث بإسهابٍ عن الأثر الأندلسىِّ المزودج ، فهو من الاتساع والتعدُّد بحيث لايمكننا إَّلا الإلماح إليه بهذه الإلماحات الموجزة .. ولنبدأ بالأثر الأندلسى فى الثقافة والحضارة العربيَّة الإسلاميَّة :

      ذكرنا منذ قليلٍ ، أنَّ علماءَ أندلسيين وفدوا من الأندلس إلى قلب العالم الإسلامى ، فكان لهم أعمقُ الأثر .. منهم على سبيل المثال الشيخ الأكبر : محيى الدين بن عربىِ (المتوفى 638 هجريَّة 1240 ميلاديَّة ) الذى استكمل تعليمه وبدأ حياته الروحيَّة بالأندلس - والتقى هناك بابن رشد - ثم تجلت أعماله الصوفية فى مصر والشام والحجاز، وهى الأعمال التى جعلت منه بحقٍّ : شيخ الصوفية الأكبر ، وأكبر مؤلِّف صوفىٍّ فى تاريخ الإسلام .. وأشهر صوفيَّةِ الإسلام على الإطلاق .

      وعلى منوال ابن عربى ، جاء من الأندلس الفيلسوف الصوفى العظيم : محمدُ بنُ عبدِ الحقِّ الملقَّبُ بابن سبعين (المتوفى 669 هجريَّة = 1270 ميلاديَّة) وهو صاحب المعالجة الفلسفيَّة العميقة لقضايا الفكر الصوفى ذى النزعة الإنسانيَّة عاليةِ المستوى ، وصاحب الرسالة البديعة (الكلامُ على المسائلِ الصِّقليَّة ) التى أجاب فيها على الأسئلة الفلسفيَّة التى أرسلها فرديدريك الثانى إمبراطور صِقليَّةَ لعلماءِ المسلمين فى المشرق والمغرب .

      وعلى ذات المنوال ، وفد من المغرب والأندلس إلى مصر ، مؤسسو الطريقة الشاذليَّة: أبو الحسن الشاذلى ، أبو العباس المرسىُّ (نسبةً إلى مُرْسِيَةَ الأندلسيَّةِ) فصارت طريقتُهم بعد سنواتٍ ، واحدةً من أوسع الطرق الصوفيَّة انتشاراً بمصر والعالم الإسلامى .

      وفى ميدان الفلسفة والطبِّ ، يحتل موسى بنُ ميمونَ مكانةً خاصة ، وكان قد وفد إلى مصر من الأندلس ، وترقَّى فى المكانة العلميَّة والمهارة الطبيَّة ، حتى صار طبيباً خاصاً لصلاحِ الدين الأيوبىِّ .. وقريبٌ منه ابنُ البيطارِ المالقىُّ الذى يُعَدُّ أشهر عشابٍ (صيدلانى) فى تاريخ الإسلام ، وكان قد وفد هو الآخر من الأندلس إلى مصر والشام وأقام هناك زمناً تعدَّدت فيه إسهاماتُه العلمَّية فى مجال الصيدلة ، مثل كتابه الأشهـر المغنى فى الأدوية المفردة . الذى ظل المرجعَ الصيدلانىَّ الأولَ لزمنٍ طويل ، وتُرجم إلى اللغات الأوروبيَّة منذ زمنٍ مبكِّر .

      ومن علماءِ الأندلس ، مَنْ وصلت أعمالُهم إلى أرجاءِ العالم الإسلامى وهم مُكُوثٌ فى الأندلس ، فأثرَّت أعمالُهم فى مسار العلم أثراً كبيراً .. منهم الجراح الأشهر : أبو القاسمِ الزهراوىُّ الذى يُعَدُّ كتابُه (التصريفُ عن عجز التأليف) أهمَّ مصدرٍ جراحىٍّ فى القرون الممتدة من الأول حتى السابع الهجرىِّ (القرن السابع إلى الثالث عشر الميلادى) .. ومنهم المؤرِّخ الشهير : ابنُ جُلْجُلَ صاحبُ كتاب (طبقاتُ الأطبَّاءِ) الذى يُعَدُّ أهم المصادر التاريخيَّة لترجمات نوابغ الأندلس فى الطبِّ والصيدلة .. ومنهم الفقيه الشهير، صاحبُ المذهب (الظاهرىِّ) فى الفقه : ابنُ حَزْمٍ الذى كتب فى الفقه وعلوم الدين كُتباً كثيرة ، وكتب فى الحب : طوق الحمامة فى الأُلفة والأُلف !

      وبالإضافة لإسهامات العلماء ، كان للأفقِ الأندلسىِّ تجليَّاتٌ فى سماء الأدب العربىِّ، الذى حفل بنوعٍ أدبىٍّ خاصٍ ، هو إبداعٌ أندلسىٌ خالصٌ : الموشحات .. بل إِن شعراءَ الأندلسِ ابتكروا بحوراً عروضيَّةً ، غيرَ تلك البحورِ الستةَ عَشَرَ المعروفةِ فى الشعرِ العربىِّ، منها بحر السلسلة الذى أبدع الأندلسيُّون على قاعدته أشعاراً وموشحاتٍ كثيرة .

      وحتى فى الشعر العربىِّ التقليدىِّ ، فهناك إبداعاتٌ أندلسيَّة لايمكن لدارسِ الأدبِ العربىِّ أن يمرَّ عليها مرورَ الكرام .. إذ لابدَّ لمن يدرس الأدبَ العربىَّ ، من الوقوف طويلاً أمام : ابن زيدون (صاحب : النونيَّة) ابن عبدون الإشبيلىِّ (صاحبِ قصيدةِ الدهر) ابن فرح الإشبيلى (صاحب القصيدة الشهيرة فى أصول الحديث ).

      وبالطبع ، فما هذه إلا إلماحاتٌ إلى النقوش الأندلسيَّة فى نسيج الحضارة العربيَّةِ الإسلاميَّةِ .. وبالإضافة إلى ذلك ، تأتى الآثارُ الأندلسيَّةُ فى تطوير الحضارةِ الأوروبيَّةِ . وهذه بعضُ الإلماحاتِ إلى تلك الآثار :

      كانت الأندلسُ واحدةً من أهمِّ (المعابر ) التى انتقل منها العلم العربىُّ الإسلامىُّ إلى أوروبا فى فجر النهضة الحديثة ( الرينسانس) ففى مدن الأندلس ، وعلى يدِ جماعةٍ من التراجمةِ (اليهود خصوصاً) تمت ترجمةُ المتونِ العربيَّةِ إلى اللغة اللاتينيَّةِ ، لتكونَ فى مطلع الرينسانس ؛ أهمَّ المراجِع العلميَّةِ فى الجامعات الأوروبيَّة .

      وعلى ذِكْر التراجمة اليهود ، تجدر الإشارة إلى أن المسلمين فى الأندلس ، كانوا قد خلصوا اليهود من العنت الذى تعرضوا له على يد القوط ، بل واستعان بهم المسلمون فى إدارة المدن الكبرى ، حتى صار بعض اليهود - مثل حسداى بن شبروط - وزيراً .. ونبغ من يهود الأندلس كثيرون : يوسف بن حسداى ، ابن جبيرول .. وأيضاً : موسى بن ميمون .

      وقام اليهود الأندلسيون بترجمة التراث العربى إلى اللغة اللاتينية ، واشتهر منهم جماعة مترجمين ، مثل : يوسف قمحى ، إبراهام بن حسداى ، يهوذا الحريرى .. كما قام المسيحيون بترجمة عددٍ وافر من النصوص العربيَّة التى ما لبثت أن انسربت إلى اللغات الأوروبيَّة المختلفة .

      ومن الأندلس إلى أوروبا ، عبرت مؤلفات أرسطو محمولةً على أجنحة ابن رشد وبحسب شروحات الأخير على كتب أرسطو التى كان الأصل اليونانى لها قد فُقد منذ زمن طويل ، ولم تعد بأيدى الناس إلا الترجمةُ العربيَّة لها .. وقد أثَّر ابن رشد اثراً بارزاً فى الفكر الأوروبى من خلال تلاميذه اللاتين الذين تبنوْا أفكاره ونشروها - واضطهدوا بسببها - من أوروبا كلها . ومن العجيب ، أن الفيلسوف العربى ابن رشد (المتوفى 595 هجريَّة = 1199 ميلاديَّة) قد أثَّرت أعماله فى أوروبا بأكثر مما أثَّرت فى الثقافة العربيَّة خلال القرون التالية له .. فتأمَّل !

      ولم تؤِّثر الأندلس فى أوروبا علمياً وفلسفياً فحسب ، وإنما تردد الصدى الأندلسى فى سماوات الأدب الأوروبى مع انتقال الموشحات الأندلسيَّة من إسبانيا إلى فرنسا - ومن ثم إلى أوروبا كلها - مع الشعراء الجوالين الذين عُرفوا باسم : التروبادور .. وتردد الصدى الأدبى مع احتذاء الأوروبيين لقصة حى بن يقظان التى كتبها بالعربية ابن سينا وابن طفيل - وأيضاً : السهروردى وابن النفيس - ثم ترجمت إلى اللغات الأوروبيَّة ، فظهرت ثانيةً فى قصص أوروبية شهيرة مثل : روبنسون كروزو .

      وعن طريق الأندلس، عرف الأدب الغربى (ألف ليلة وليلة) التى تُرجمت إلى اللغات الأوروبيَّة عِدَّةَ ترجماتٍ ، وأثَّرت عِدَّةَ تأثيرات لاتزال ممتدةً إلى اليوم ، مرفرفةً بين جنبات أدب اللغة الإسبانية المعروف بالواقعية السحريَّة ، حيث تتجلى (ألف ليلة) بنصوص فى أعمال جابرييل جارثيا ماركيز ، أمادو .. ومن قبلهما ، شهاب الأدب الأسبانى المعاصر فى أمريكا اللاتينية : خورخى لويس بورخيس .

      وشيئاً فشيئاً ، صارت الأندلس معيناً ينهل منه الأوروبيون العلم العربى ، مع اهتمام مراكز علميَّة متخصصة .. ففى طليطلة أنشأ رايموندو الأول رئيس الأساقفة ، سنة 1130 ميلاديَّة (524 هجريَّة) قسماً خاصاً للمترجمين من العربيَّة ، فتُرجمت أعمال كبرى ، مثل: مؤلفات أرسطو بشروح الكندى والفارابى وابن سينا ، مؤلفات أبقراط وأقليدس وبطليموس وجالينوس بشروحها العربيَّة التى لاتكاد تقع تحت الحصر .

          الغُروبُ

      آذنت شمس الأندلس بالمغيب ، مع عصر ملوك الطوائف الذين حكموا بقاع الدولة الإسلامية هناك ، واقتتلوا فيما بينهم طمعاً فى وراثة الدولة الأمويَّة المتشظية .. وامتد نزاعهم حتى كاد يُذهبُ بريحهم وريحِ المسلمين فى الأندلس ، لولا أَنْ عبر إليهم سلطان المرابطين يوسف بن تاشفين من ساحل المغرب سنة 479 هجريَّة = 1086 ميلاديَّة) وأحيا الوجودَ الإسلامىَّ من جديد ، وأقام دولته التى ورثها بعد ضعف المرابطين ملوك الموحِّدين الذين تغلَّبوا على المرابطين فى عِدَّةِ مواقعَ عسكريَّةٍ بمدن الساحل الأفريقي (من سنة 1152 إلى سنة 1160 ميلادية) ثم عبروا إلى الأندلس وورثوا دولة الإسلام هناك، بعد انتصارهم على ألفونسوا الثامن فى موقعة الأرك ، سنة ( 591 هجريَّة = 1195 ميلاديَّة).

      وهكذا توالت دولُ الإسلام على حكم بقاع الأندلس ، حتى أفلت شمسُ العرب المسلمين هناك . وضعف الحكام وتفرَّقت بهم السُّبُلُ .. وما أن تزوَّجَ الملك فرديناند الخامس بالملكة إيزابيلا واتحدا ضد المسلمين ، حتى أخرجوا العربَ من الأندلس ، وكان خروج الإسلام من هناك، خاتمةَ قرونٍ حافلةٍ بوقائع الزمان ، وجدليَّةِ النصر والهزيمة . ففى سنة 1492 ميلاديَّة، سقطت غرناطة -آخر معقل للمسلمين- فى يد فرناندو ملك قشتالة (وإيزابيلا)، بعدما تخلَّف المماليكُ فى مصر والعثمانيون فى  البلقان والحفصيون فى تونس ، عن إغاثة غرناطة.. وسدُّوا آذانهم عن استغاثاتها الأخيرة... وخرج آخر الحكام المسلمين (أبو عبد الله الصغير) من آخر مدينة مسلمة فى الأندلس (غرناطة) سنة 897 هجريَّة = 1492 ميلاديَّة .. عند صخرة مشرفة على غرناطة ، وبكى طويلاً .. ثم مضى بعدما تنهَّد تلك التنهيدة الحرَّى التى عُرفت فى التاريخ باسم : زفرة العربىِّ الأخيرة.

      وضعفت العلاقاتُ (العربيَّة / الإسبانيَّة) تدريجياً مع خروج العرب من الأندلس، ومع انتشار الثقافة العربيَّة فى أوروبا من المعبر الإسبانى ، ومع توالى الحملات الإسبانيَّة المدمرِّة على القرى الساحلية للمغرب العربى ، ومع احتلال العثمانيين لقلب العالم العربى الإسلامى : مصر والشام !

      غير أن تنشيطاً جرى بين إسبانيا والثقافة العربيَّة ، فى القرن الثامن عشر ، مع عناية الملك كارلوس الثالث المتوفى 1788 ميلاديَّة ( 1202 هجريَّة) بالعلوم والآداب العربيَّة ، فقام بتوسيع المكتبة الملكية وتنظيم مكتبة دير الإسكوريال وجعل معرفة اللغة العربيَّة مسوغاً لترقية الموظفين .

      ونظراً لأن دير الإسكوريال يمثل علامةً متميِّزة على طريق العلاقات العربيَّة الإسبانيَّة، علامة باقية إلى اليوم تشهد بعمق هذه العلاقات وتجذُّرها .. فسوف نقف عنده فيما يلى، ختاماً لهذا البحث ، خصوصاً مع ما سنعلمه بعد حين من إهداءِ نسخةٍ كاملةٍ من مخطوطاته لمكتبة الإسكندريَّة ، عبر منحةٍ ملكيَّة كريمة .

           دَيْرُ الإِسْكُوريالِ ومَخْطُوطَاتُه

            تم تشييد دير الإسكوريال بعد خروج العرب من الأندلس بنصف قرن أو يزيد، فقد تمَّ بناؤه سنة 1557 ميلاديَّة ، وجمع فيه الملك فيليب الثانى بقايا المخطوطات العربيَّة المتناثرة فى غرناطة.. فكانت نواة مكتبة الدير 183 مجلداً مخطوطاً .

      وفى سنة 1614 ميلاديَّة (=1023 هجريَّة) حدثت واقعةٌ مشهورة ، فقد كان مولاى زيدان أحد سلاطين المغرب يفرُّ بكنوزه ومكتبته الخاصة - التى تحوى ثلاثة آلاف مجلدٍ مخطوطٍ - من سطوة أبى مجلى فركب مولاى زيدان سفينة إلى أغادير وهناك رفض ربانُ السفينة تفريغَ حمولتها ، مالم يعطه مولاى زيدان 36.000 فرنك ! فلم يستطع دفعها ، وأبحر الربان بالكتب إلى مرسيليا .. وفى الطريق، استولى القراصنةُ الإسبان على السفينة وما فيها ، فأمر الملك فيليب الثالث بأن توضع هذه المخطوطات العربيَّة فى مكتبة دير الإسكوريال !

      وفى سنة 1671 ميلاديَّة (= 1082 هجريَّة) شبَّ حريقٌ عظيمٌ فى  المكتبة، فالتهمت النارُ أغلب المخطوطات، ولم يبق بها غير 1900 مجلد مخطوط باللغة العربيَّة، إلى جانب المخطوطات اللاتينيَّة والعبرية .. لكن المكتبة عادت للنمو مع الأيام، وتزايدت مع الوقت أعدادُ المخطوطات فيها، خاصةً بعد أن أُضيف إليها سنة 1876ميلادية
(= 1293 هجريَّة)  خمسةُ آلافِ مجلدٍ ، بأمرٍ ملكى .

      وطبقاً لآخر فهارس مكتبة الإسكوريال وهو الفهرس الذى نشره الدكتور رينو بباريس سنة 1939، فإنَّ المكتبةَ تشتمل اليوم على الآتى: 4000 كتاب مطبوع، 1900 مخطوطة عربية ، 700 مخطوطة يونانيَّة ، 2086 مخطوطة لاتينية ، 73 مخطوطة عبريَّة .

      وقد نالت مكتبة الإسكوريال الكثير من عناية المستشرقين والمفهرسين، وقد عرض نجيب العقيقى فى كتابه (المستشرقون) لمجموعة الفهارس التى حصرت محتويات المكتبة ، ثم أشار إلى وجود مجموعات أخرى من المخطوطات العربيَّة فى خزائن ومكتبات إسبانيا .. فمن ذلك :

                 *   مكتبة مدريد الوطنيَّة، وتضم 606 مخطوطة (مفهرسة)

                 *  مكتبة جمعية الأبحاث العلميَّة فى خونته ولها فهرس يقع فى 320 صفحة .. ثم ضُمَّت إليها مكتبة المجلس الأعلى للأبحاث العلميَّة .

                 *  مكتبة الإقامة الإسبانية فى تطوان وبها 5650 كتاباً و757 مخطوطة.

                 *  مكتبات الجامعات والمعاهد والمراكز ومجمع التاريخ، ولكل منها فهرس مستقل.

      وبالإضافة إلى هذه المكتبات (العامة) هناك مجموعةٌ كبيرة من المخطوطات العربيَّة، تضمُّها المكتباتُ الخاصة لكبار المستشرقين الإسبان المعاصرين ، أمثال: جانيجوس، وكوديرا، وآسين بلاثيوس.. وغيرهم من أعلام الاستشراق الإسبانى ، الذين حظوا دوماً بتقدير المجامع العلمية المتخصِّصة.

       غير أن مجموعةَ دير الإسكوريال تظل أكثر مجموعات المخطوطات العربيَّة فى إسبانيا شهرةً وأهمية ، خاصةً مع تلك الحقيقة التى أشار إليها نجيب العقيقى، بقوله : لم يُنشر من مخطوطات مكتبة الإسكوريال العربيَّة، سوى بضع عشرات ! وهى إشارة تدعو إلى العناية بهذه الذخيرة التراثيَّة .

      وقد بدأت معرفتى بالمجموعة الخطيَّة العربيَّة المحفوظة بدير الإسكوريال فى أواخر الثمانينيات ، حين اعتمدتُ على إحدى النسخ الخطية المحفوظة هناك عند تحقيقى لديوان عفيف الدين التلمسانى اعتماداً على ثلاثة نسخ خطيَّة للديوان ، من بينها هذه النسخة  المحفوظة بدير الإسكوريال . وعندما تأملت هذه النسخة، شعرتُ بقدرٍ من الاهتمام الكبير الذى نالته المخطوطة من القائمين على المكتبة .. وهو الاهتمام الذى تفتقر إليه عديدٌ من المجموعات الخطيَّة فى العالم .

        والمخطوطات العربيَّة المحفوظة فى خزانة دير الإسكوريال ، منها ماهو نادرٌ شديد النُّدرةِ، ولاتوجد منه نسخةٌ أخرى فى أى مكتبةٍ من مكتبات  العالم، مثل مخطوطة كتاب العلامة ابن خلدون لُباب المحصل( ) الذى تحتفظ خزانة الدير بنسخته الوحيدة، وهى النسخة التى كتبها ابن خلدون بخط يده ، سنة 752 هجريَّة بقلمٍ مغربى( ).

      وهناك ، علاوةً على ما سبق ؛ مجموعة مخطوطات نادرة ضمن مجموعة الإسكوريال. نذكر منها :

  ·  شرح رسالة جالينوس إلى أغلوقن فى التأتِّى لشفاء الأمراض ، لعلى بن رضوان (كُتبت سنة 473 هجريَّة) .

  ·  كتاب المقامات، للحريرى (أبى محمد القاسم بن على البصرى، المتوفى 516 هجريَّة) .. وهى مخطوطة جيدة، كُتبت فى حياة مؤلِّفها، سنة 483 هجريَّة.

  ·  شرح فصول أبقراط، لجالينوس. ترجمة حنين بن إسحاق العِبَادى ، المتوفَّى سنة 260 هجريَّة. كُتبت بقلمٍ مغربى ، سنة 494 هجريَّة .

  ·  الكامل فى اللغة ، للمُبرِّد (أبى العباس محمد بن يزيد الأزدى ، المتوفى    285   هجريَّة) كُتبت سنة 512 هجريَّة.

  ·  الاقتضاب فى شرح أدب الكُتَّاب، لابن السِّيد البطليوسى (أبى محمد عبد الله بن محمد، المتوفَّى 521 هجريَّة) .. وهى نسخة جيدة،كُتبت قبل وفاة مؤلِّفها بست سنوات (سنة 515 هجريَّة) .

  ·  القانون فى الطب ، لابن سينا (الشيخ الرئيس، أبى على الحسين بن سينا ، المتوفى 428 هجريَّة) .. وهى مخطوطة جيِّدة، قديمة، كُتبت سنة 525 هجريَّة.

  ·  الرسالة القشيريِّة، للإمام القشيرى (أبى القاسم عبد الكريم بن هوازن النيسابورى، المتوفى 465 هجريَّة)كُتبت سنة 530 هجريَّة .

  ·  الإيضاح فى النحو، لأبى على الفارسى (المتوفى 377 هجريَّة) .. وهى مخطوطة جيدة، يعود تاريخ نسخها إلى سنة 535 هجريَّة.

  ·  منافع الأعضاء ، لجالينوس (ترجمة حنين بن اسحاق) كُتبت سنة 539  هجريَّة.

  ·  نظم العقود ورقم الحلل والبرود، للكومى (أبى عبد الله محمد بن عبد الحق المالكى، المتوفى 625 هجريَّة) كُتبت فى حياة مؤلِّفها، سنة 588 هجريَّة.

  ·  طيف الخيال، للشريف الرضى (أبى الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوى، المتوفى 406 هجريَّة) كُتبت بمدينة حلب، سنة 591 هجريَّة.

  ·  شرح الجمل فى النحو، لأبى الحسن على بن خروف الإشبيلى (المتوفى 606 هجريَّة) كُتبت قبل وفاة مؤلِّفها بعشرة أعوام،  سنة 596 هجريَّة.

  ·  المدخل إلى تقويم اللسان وتعليم البيان، لأبى عبد الله السبتى (المتوفى 570 هجريَّة) كُتبت بعد وفاة مؤلِّفها بقليل ، سنة 607 هجريَّة.

  ·  الفصيح فى اللغة، للإمام ثعلب (أبى العباس أحمد بن يحي الشيبانى، المتوفى 291 هجريَّة) وهى مخطوطة جيدة، بأولها تملك وقراءات، كُتبت سنة 611 هجريَّة.

  ·  المنتخب فى شرح لامية العرب، لابن أبى طى (أبى الفضل يحي بن حميدة الحلبى، المتوفى 630 هجريَّة) .. وهى مخطوطة جيدة، كُتبت فى حياة مؤلِّفها، سنة 618 هجريَّة.

  ·  شرح المقدمة الجزولية، للشلوبينى (أبى على عمر بن محمد الأزدى، المتوفى 645 هجريَّة) كُتبت فى حياة مؤلِّفها، سنة 622 هجريَّة.

  ·  أخبار عقلاء المجانين، لأبى الأزهر محمد بن زيد النحوى ( المتوفى 325 هجريَّة) مخطوطة جيِّدة، يعود تاريخ نسخها إلى سنة 670 هجريَّة.

      .. وفى عام 1997 تفضَّلت الملكة صوفيا ملكة إسبانيا بإهداء مكتبة الإسكندرية تلك الهديَّة التى لاتقدَّر بثمن ، حين قدَّمت لنا نسخةً ميكروفيلميَّة (كاملةً) من مجموعة مخطوطات دير الإسكوريال .. ففتحت الملكة صوفيا بذلك نافذةً عظيمة للإطلال على هذه الثروة التراثيَّة التى طالما تمنَّى الباحثون أن يتمكَّنوا من نَهْلِ المعارف من ذخائرها المخطوطة التى توارت طويلاً عن الأنظار خلف جدران هذا الدير العتيق .. الثرى .

      وكان لابد لنا ، تقديراً لهذه المنحة الملكية النبيلة ، أن نقوم بما يجب علينا بصددها .. أعنى فهرستها فهرسةً متأنية ، تتيح ذخائر المجموعة أمام أعين الباحثين ، وهو ما أنجزناه مؤخراً ، وصدر فى فهرس ورقى (ضخم) مع قاعدة بيانات إلكترونيَّة .. وكانت أوروا كانو ليديسما قد أعدَّت (آخر) فهرسة حصرية لمجموعة الإسكوريال ، وهى الفهرسة التى صدرت ضمن مطبوعات الدير سنة 1997 (سنة إهداء المجموعة لمكتبة الإسكندريَّة) .. غير أنها كانت أقرب للقائمة الحصريَّة منها إلى الفهرس، ولم تحصر إلا 1954 مخطوطة، بينما اشتمل فهرسنا على 3084 مخطوطة .. وهو فَرْقٌ -لعمرى- كبير ! ناهيك عن عمليات التوثيق والضبط الببليوجرافى، التى قمنا بها هنا للتأكُّد من عناوين المخطوطات وصحة نسبتها للمؤلِّفين ، بعدما كانت هناك غير مضبوطة .

( ) هو مختصر كتاب : محصل أفكار المتقدِّمين والمتأخرين لفخر الدين الرازى ، المتوفى 606 هجريَّة.

( ) توفى ابن خلدون (ولى الدين عبد الرحمن بن محمد الحضرمى) بعد ذلك بأكثر من نصف قرن، سنة 808 هجريَّة.